القائمة الرئيسية

الصفحات

القرار الإداري واليات الرقابة عليه

القرار الإداري واليات الرقابة عليه  







تــــــقـــــديــــــــم: 

   تعتبر الإدارة منظمة كباقي المنظمات الأخرى في أدبيات العلم الإداري، إلا أن لها خصائص تجعلها مميزة عن باقي المنظمات والوحدات الأخرى، لكونها تلعب دورا كبيرا على مستوى المساهمة في تطوير النسيج المجتمعي، وتحقيق التنمية في مختلف أبعادها.

   إن وظائف الإدارة عرفت تطورا كبيرا ارتبط بتطور وظائف الدولة، وحينما اتسعت وظائف هذه الأخيرة، اتسعت معها وظائف وأنشطة الأولى، على اعتبار أنها تمثل في عمقها أداة رئيسية لتنفيذ السياسات العامة للدولة.

   ومن أجل قيام الإدارة بمختلف مهامها ووظائفها وأنشطتها، فقد مكنت من وسائل عدة لتحقيق هذا الغرض، منها ما هو مالي، بشري وقانوني، وتتمثل الوسائل ذات البعد القانوني في العقود الإداري والقرارات الإدارية، إذ تعد هذه الأخيرة باعتبارها عمل قانوني من جانب واحد يصدر بإرادة إحدى السلطات الإدارية في الدولة ويحدث آثارا قانونية بإنشاء وضع قانوني جديد أو تعديل أو إلغاء وضع قانوني قائم  أحد أهم الوسائل التي تعتمد عليها الإدارة لإنجاز مهامها.

  فالإدارة كسلطة عامة في قيامها بأنشطتها تحقيقا للمصلحة العامة قد تعرض حقوق وحريات الأفراد في كثير من الأحيان للخطر، نتيجة تعسفها في القرارات التي تتخذها. ولضمان شرعية هذه القرارات قد عملت مختلف الدول على إخضاعها لرقابة القضاء، لكن ومع التحولات المتلاحقة عملت هذه الأخيرة على إحداث آليات حديثة سياسية وإدارية للرقابة على القرارات الإدارية.

   ويكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة على المستويين النظري والعملي. ففيما يخص الجانب الأول فإنه يكمن في تشعب الدراسات والأبحاث التي تناولته، بتأسيسها لمرتكزاته ومناقشة أبعاده. أما فيما يتعلق بالشق الثاني فإنه يتجلى في الإشكالات التي يخلقها على مستوى العمل القضائي، بالإضافة إلى ارتباطه بحماية حقوق وحريات الأفراد تجاه الإدارة.

   ويطرح موضوع القرار الإداري وآليات الرقابة عليه، عدة إشكالات جوهرية، تتجلى أساسا في تحديد ماهية القرارات الإداري، وأهم الآليات المعتمدة للرقابة عليه.

ويمكن صياغة هذه الإشكالات على النحو الآتي:

·       أين تكمن شروط القرار الإداري وأركانه؟

·       وما هي أنواع القرارات الإدارية؟

·       وكيف يتم نفاذها ونهايتها؟

·       وأين تتجلى مهمة القضاء في الرقابة على القرار الإداري؟

·       وما هو دور الآليات السياسية والإدارية في الرقابة على القرارات الإدارية؟

  إذن فطبيعة الموضوع والإشكالات المرتبطة به تقتضي اعتماد التصميم التالي:

المبحث الأول: ماهية القرار الإداري

المبحث الثاني: آليات الرقابة على القرار الإداري


   المبحث الأول: ماهية القرار الإداري

   إن الإدارة في مزاولتها لأنشطتها وقيامها بوظائفها من أجل تنفيذ السياسة العامة للدولة، وتحقيق المصلحة العامة تتوفر على وسائل بشرية ومالية. بالإضافة إلى الوسائل القانونية المتمثلة في العقود الإدارية والقرارات الإدارية إذ تعتبر هذه الأخيرة الوسيلة المثلى التي تبرز فيها امتيازات السلطة العامة. وعليه فإن القرار الإداري يرتكز على مجموعة من الشروط والأركان (المطلب الأول)، بالإضافة إلى تعدد أنواعه وتميز كيفية نفاذه وطرق نهايته ( المطلب الثاني).

المـطـلـب الأول: مـفـهـوم الـقرار الإداري وأركـانـه

   يقتضي تحديد القرار الإداري التعريف به وبيان شروطه (الفقرة الأولى)، وكدا التعرض لأركانه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم القرار الإداري

   سيتم التطرق في هذه الفقرة بداية إلى تعريف القرار الإداري (أولا)، ثم تحديد شروطه (ثانيا).

أولا: تعريف القرار الإداري

   يعتبر القرار الإداري من أهم الوسائل التي تستعملها الإدارة لتحقيق وظائفها ويعرف على أنه التصرف القانوني الذي يصدر عن الإدارة المختصة بصفتها سلطة عمومية وحيدة الطرف على أن يحدث آثار قانونية،وعرفه القضاء الإداري المصري على أنه إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ممكنا وجائزا قانونا وكان الهدف منه تحقيق مصلحة عامة،كما عرف بأنه تصرف قانوني تنفرد به لتحقيق مصالح عامة

   فهو إذن عمل انفرادي يصدر عن الإدارة بقصد إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز معين.

ثانيا: شروط القرار الإداري

   لكي يعتبر العمل قرارا إداريا يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط وهي كالآتي:

-         أن يكون صادرا عن الإدارة: استقر اجتهاد الفقه والقضاء الإداريين على أن القرار لا يعتبر قرارا إداريا ما لم يكن صادرا عن سلطة إدارية عامة، سواء كانت هذه السلطة مركزية أم لامركزية وبغض النظر عن طبيعة النشاط الذي تتولاه. وعليه لا يعتبر العمل أو التصرف الصادر من سلطة عامة أخرى غير إدارية كالسلطة التشريعية أو القضائية قرارا إداريا. كذلك لا يعد العمل الصادر عن هيئة أو مؤسسة خاصة أو أشخاص القانون الخاص قرارا إداريا.

   غير أن هذه القاعدة ليست مطلقة إذ ترد عليها مجموعة من الاستثناءات نذكر من بينها: القرارات الصادرة عن الموظف الفعلي أو الواقعي، ثم القرارات الصادرة عن بعض الهيئات المهنية، وأيضا القرارات التي يتخذها رئيس المحكمة في حق الموظفين التابعين للمحكمة، والقرارات التي يتخذها رئيسي مجلسي النواب والمستشارين في حق الموظفين التابعين لهم.

 

-         أن يكون صادرا بإرادة منفردة: يعد القرار الإداري امتيازا يمنح لسلطة العامة، ويصدر بالإرادة المنفردة بخلاف العقد الإداري الذي لا ينتج آثره إلا إذا تلاقت إرادة الإدارة مع الجهة المتعاقدة، إذ تكون إرادة الإدارة ملزمة للغير يستوي في ذلك أن يكون القرار صريحا أو ضمنيا، مكتوبا أو شفويا، إيجابيا أو سلبيا، وأحيانا قد يصدر القرار الإداري من طرف عدة جهات إدارية دون أن يؤثر ذلك على صبغة انفرادية، مثلا القرارات المشتركة التي يتخذها وزيرين، كما لا يغير من طبيعة القرار الإداري ارتباط نفاذه بموافقة الأفراد كما هو الشأن في قرار تعيين الموظفين.

 

-         أن يكون مؤثرا في المراكز القانونية: مفاد هذا الشرط أن يرتب القرار الإداري آثارا قانونية بالنسبة للغير، ذلك بإنشاء وضع قانوني معين أو تعديله أو إلغائه.

 

 

  فهذا العنصر يميز القرار الإداري عن مجموعة أخرى من الأعمال التي تصدرها الإدارة مثل الأعمال المادية التي هي عبارة عن وقائع مادية لا يترتب عليها أي آثر قانوني ولا ينشأ عنها حقوق أو التزامات ومن تم لا تعد قرارات إدارية كواقعة القبض على شخص معين تنفيذا لقرار إداري، إذ أن الأعمال القانونية تهدف إلى إحداث الآثار القانونية التي تعد جوهر القرارات الإدارية. ولا تعتبر كذلك قرارات إدارية الأعمال التحضيرية أو التمهيدية التي تسبق صدور القرار، أو الأعمال اللاحقة لصدوره والتي تحدث لذاتها آثارا قانونية كالتوصيات والاقتراحات.....

الفقرة الثانية: أركان القرار الإداري

   يشترط في القرار الإداري لكي يكون صحيحا ومشروعا توفره على خمسة أركان، إذ يترتب على تخلف أحدها بطلان القرار الإداري. وتكمن هذه الأركان في كل من ركن الاختصاص، الشكل، السبب، المحل، والغاية.

أولا: الاختصاص

   الاختصاص يعني صلاحية السلطة الإدارية موضوعيا ومكانيا وزمنيا للتعبير عن إرادتها، أو بعبارة أخرى القدرة القانونية على اتخاذ القرار، بمعنى أخر يعرف الاختصاص بالقدرة القانونية على مباشرة عمل إداري معين.

   وتتضمن قواعد الاختصاص مصلحة الأفراد ومصلحة الإدارة وتتجسد هذه الأخيرة في أن متخذي القرار يعرفون الصلاحيات المنوطة بهم دون أن يكون ثمة تضارب أو تناقض مما يؤدي إلى حسن سير العمل الإداري وتحقيق أهدافه، ومن ناحية ثانية يعد النشاط الصادر من رجال الإدارة مهما للأفراد بحيث يعرفوا تمتع الإدارة بممارسة الاختصاص، فيلجأ إليها الأفراد. وعليه فإنه لا يجوز لأي هيئة أن تتجاوز الاختصاص المحدد لها قانونا وإلا كان عملها معيبا بعيب عدم الاختصاص.

   وفكرة الاختصاص تتحدد بالعناصر التالية:

-         عنصر شخصي: وذلك بتحديد الأشخاص الذين يحق لهم مباشرة الأعمال الإدارية دون غيرهم بحيث لا يجوز لهم التفويض في اختصاصهم أو الحلول فيها إلا وفقا للقانون.

 

-         عنصر موضوعي: يقتضي هذا العنصر وجوب صدور القرار من السلطة أو الجهة التي تملك قانونا التصدير لموضوعه والتقرير فيه، حيث يحدد المشرع لكل جهة اختصاصا محددا، لا يجوز أن تتجاوزه، وإلا اعتبر تصرفها خارج عنة القانون.

 

 

-         عنصر مكاني: يتمثل في تحديد النطاق الترابي الذي يحق لسلطة المختصة ممارسة اختصاصاتها في إطاره. وعلى هذا الأساس فإن كل سلطة تمارس اختصاصاتها في نطاق مكاني محدد، فالوزير باعتبارها سلطة مركزية يتخذ قرارات قابلة للتطبيق على جميع التراب الوطني، أما العامل فلا يختص إلا باتخاذ القرارات التي لا يتجاوز نفوذها العمالة أو الإقليم التابع له.

-         عنصر زماني: يعطي المشرع لمتخذ القرار فترة زمنية يجوز خلالها إصدار القرار الإداري وتنحصر هذه الفترة بين بداية تعيين مصدر القرار في وظيفته وتاريخ انتهاء اختصاصه، فمثلا لا يحق للموظف اتخاذ قرار بعد إحالته على التقاعد.

   وفي جميع الأحوال فإن عيب عدم الاختصاص يعتبر من العيوب المتعلقة بالنظام العام، بكل ما يترتب على هذا التعلق من نتائج وخاصة من حيث جواز الدفع به أي مرحلة كانت عليها الدعوى، أو من حيث جواز إثارته تلقائيا من طرف المحكمة.

ثانيا: الشكل

   يقصد بشكل القرار الإداري الصيغة والصورة التي يوضع فيها القرار سواء اتخذت هذه الصيغة الكتابة أم اتخذت صورة أخرى. فالقرار يحب أن يتخذ صورة أو مظهر خارجيا بأن تعلن الإدارة عن إرادتها، وبذلك يصدر القرار الإداري، غير أن القانون قد يتطلب أن يكون الإفصاح عن إرادة الإدارة أو إعلانها بإتباع إجراءات وشكليات معينة واحترام هذه القواعد أمر ضروري وإلا إذا كان القرار معيبا بعيب الشكل.

   ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هذه الشكليات أو الإجراءات قد يستلزمها القانون قبل اتخاذ القرار أو أثناء ذلك أو بعده.

   ويميز القضاء بين الشكليات التي تقررت لمصلحة الإدارة، وتلك التي تقررت لمصالح الأفراد، إذ أن تجاهل الإدارة للشكليات التي تقررت لمصلحتها لا يؤدي إلى بطلان القرار الإداري لأنه لا يصح أن يكون سببا يقيم عليه الأفراد الطعن بدعوى الشطط في استعمال السلطة، كما لا تعد من قبل الأمور الجوهرية طالما أن القرار لم ينل من حقوق الأفراد أو يؤثر على مصالحهم. أما إذا كانت مقررة لمصالح الأفراد وصدر قرار آثارا مخالفا فإنها تعتبر من الشكليات الجوهرية التي يترتب عليها بطلان القرار الإداري.

ثالثا: السبب

   يعرف السبب بأنه  الحالة الواقعية أو القانونية التي تحدث فتوحي للإدارة بالتدخل لاتخاذ قرار ما. ومثاله واقعة تقديم الاستقالة في القرار الصادر بقبول الاستقالة أو صدور حكم إدانة في جريمة جنائية ضد أحد الموظفين، كان سببا للقرار الصادر بحرمانه من الوظيفة العمومية.

   والقاعدة أن الإدارة ليست ملزمة بذكر أسباب قراراتها إلا عندما يطلب منها ذلك القضاء عند الطعن فيها، غير أن إدارات الدولة والجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام أصبحت بعد صدور قانون رقم 03.01 ملزمة بتحقيق قراراتها الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعنيين بها وذلك تحت عدم الشرعية.

   ففي هذه الحالات تكون الإدارة ملزمة بالإفصاح كتابة في صلب القرارات عن الأسباب القانونية أو الواقعية الداعية إلى اتخاذها لإثبات مشروعيتها.

رابعا: المحل

   يقصد بمحل القرار الإداري موضوعه المتمثل في الآثار القانونية التي تترتب على القرار سواء اتخذ هذا الأثر صبغة إنشاء أو تعديل أو إلغاء في المراكز القانونية.

   ومحل القرار الإداري يجب أن يكون ممكننا وجائزا قانونا. فإذا محل القرار غير ممكن أو مستحيلا كان القرار منعدما كأن يصدر قرار بتعيين موظف في درجة ليس لها منصب مالي أو لم يرد في الميزانية.

   كذلك يتعين أن يكون محل القرار مشروعا فلا يخالف النظام العام أو حكم القانون، فالقرار الذي يقضي بأمر مخالف للنظام العام يكون باطلا لأن محله غير جائز، إذ يخرج على الأحكام الموضوعية للقانون ويغدو معيبا من حيث محله بعيب مخالفة القانون.

خامسا: الغاية

   يقصد بركن الغاية الهدف الذي يروم رجل الإدارة تحقيقه عند اتخاذ القرار والأصل أن تكون المصلحة العامة هي الغاية التي يستهدفها القرار الإداري وإلا كان القرار معيبا في غايته.

  وقد يحدد القانون للإدارة هدفا معينا في نطاق المصلحة العامة يجب أن تعمل على تحقيقه. وهنا لا يكفي الغرض –المصلحة العامة- وإنما يتعين عليها أن تولي وجهها شطر الهدف الخاص، فإذا خرجت عنه ولو كان تصرفها من نطاق المصلحة العامة كلية، إلا أن ذلك التصرف يعد انحرافا عن الهدف المخصص للإدارة أو ما يسمى بقاعدة تخصيص الأهداف.

   وتجدر الإشارة إلى أن عيب الانحراف في استعمال السلطة يعتبر عيبا احتياطيا لا يتم إثارته إلا في حالة انعدام العيوب الأخرى.

المـطـلـب الـثانـي: القـرارات الإداريـة: الأنـواع، النـفاذ والنـهـايـة

   إن القرارات الإدارية باعتبارها من أبرز الوسائل التي تعتمد عليها الإدارة، من أجل تحقيق مهامها. تعرف تعددا وتنوعا في تصنيفها (الفقرة الأولى)، كما توجد مجموعة من القواعد التي تحكم نفاذها (الفقرة الثانية)، بالإضافة إلى اختلاف كيفية انتهائها (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: أنواع القرارات الإدارية

   تنقسم القرارات الإدارية إلى عدة أنواع حسب الوجهة التي ينظر منها إلى القرار إذ تنقسم من حيث التكوين إلى قرارات بسيطة وأخرى مركبة، ومن حيث خضوعها للرقابة القضائية إلى قرارات قابلة للطعن فيها بالإلغاء أو التعويض وأخرى تخضع للرقابة إلغاء وتعويضا، أما من حيث آثارها فإنها تنقسم إلى قرارات منشئة وأخرى كاشفة. وإذا تم النظر إليها من حيث الإيجابية والسلبية فإنها تنقسم إلى قرارات إدارية إيجابية وقرارات إدارية سلبية. وقد اكتفى جانب من الفقه بتقسيم تلك القرارات من حيث العمومية والتجريد إلى قرارات تنظيمية وأخرى فردية.

   ونظرا لأن جميع القرارات الإدارية المندرجة في التقسيمات المتقدمة تعتبر واحدة، مهما تعددت فقد اقتصرنا على التقسيم الموضوعي لتلك القرارات، حيث تنقسم بالنظر إلى مداها وعموميتها إلى قرارات تنظيمية وأخرى فردية.

أولا: القرارات التنظيمية

   القرارات التنظيمية هي عبارة عن القواعد العامة المجردة التي تختص السلطة التنفيذية بإصدارها طبقا لأحكام الدستور، وتنطبق على عدد غير محدود من الأفراد الذين تتوافر فيهم الصفات المحددة بها، وعلى شتى الحالات التي تتضمن الشروط الواردة بها، ولا يهم في ذلك عدد من تنطبق عليهم تلك القرارات، حيث أن كثرة أو قلة الحالات لا تغير من طبيعتها، طالما أنها تشمل قواعد عامة وموضوعية، تنطبق على أشخاص معينين بأوصافهم لا بدواتهم

   ويطلق عليها أيضا المراسيم أو القرارات العامة أو اللوائح. وفي إطار تدرج القواعد القانونية تأتي في مرتبة أدنى من التشريع العادي، الأمر الذي يستدعي أن لا تكون مخالفة له. وهي لا تستهلك باستعمالها مرة واحدة.

   وتنقسم القرارات التنظيمية أو المراسيم بصفة عامة إلى:

-         المراسيم التنفيذية: وهي المراسيم التي تصدرها الحكومة لتنفيذ القوانين عملا بالفصل 85 من الدستور، بحيث أن القانون يضع الأحكام العامة ويترك وضع الأحكام التفصيلية للمراسيم.

 

-         المراسيم المستقلة: وهي المراسيم التي تصدرها الحكومة لإحداث أو تنظيم أو إلغاء المرافق العامة طبقا للفصل 72 من الدستور الذي ينص على ما يلي (يختص المجال التنظيمي بالمواد التي لا يشملها اختصاص القانون)، فمجال القانون محدد بشكل حصري بفصول حصرية أهمها الفصل 71 من الدستور، أما باقي المواد والمجالات التي لا يشملها القانون فهي تدخل في مجال التنظيم.

 

 

-         المراسيم التفويضية: وهي عبارة عن مراسيم تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض أو إذن من السلطة التشريعية. فبمقتضى الفصل 70 من الدستور يمكن للبرلمان بقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ولغاية معينة مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجرى العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها. غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما.

 

-         مراسيم الضرورة: هي المراسيم التي تصدرها الحكومة في غيبة البرلمان، حيث ينص الفصل 81 من الدستور على أن الحكومة بإمكانها أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعينها الأمر في كلا المجلسين مراسيم قوانين يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية، وتعد مراسيم القوانين (المراسيم التفويضية ومراسيم الضرورة) أعمالا إدارية قابلة للطعن فيها بالإلغاء ولا تكتسب الصفة التشريعية إلا بعد مصادقة البرلمان عليها.

 

 

-         مراسيم الضبط: وتصدر هذه المراسيم من طرف السلطة التنفيذية، بغية الحفاظ على النظام العام الشامل للأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة.

ثانيا: القرارات الفردية

   وهي قرارات تصدر بصدد فرد أو أفراد معينين بدواتهم أو حالات معينة، وتستنفذ مضمونها بمجرد تطبيقها مثل القرار الصادر بتعيين موظف أو ترقيته.

   وتختلف القرارات التنظيمية عن القرارات الإدارية الفردية، في أن الأولى تعد من حيث الشكل أعمالا إدارية لصدورهما من السلطة التنفيذية ولكنها تعتبر من حيث المضمون بمثابة قانون، فهي تضع قواعد عانة ومجردة مثل القوانين الصادرة من البرلمان، لذلك فإن هذه القرارات تعتبر استثناء من مبدأ الفصل بين السلطات الذي جعل مهمة وضع القوانين من اختصاص السلطة التشريعية، بتالي فإن هذه القرارات تنطبق على كل من توافرت فيهم الشروط الموضوعية الواردة فيها، وبناء عليه فإنه لا يمكن معرفة من تنطبق عليهم هذه القرارات عند صدورها، فمجال تطبيقها غير محدد بحالات معينة.

   هذا عن أنواع القرارات الإدارية فماذا عن نفاذها؟

الفقرة الثانية: نفاذ القرارات الإدارية

   ينفذ القرار الإداري بصفة عامة بمجرد اكتماله في حق الإدارة، ولكن لما كان من شأن القرارات الإدارية التأثير في حقوق الأفراد في بعض الحالات فمن المنطقي اشتراط عدم نفاذها في حقهم إلا إذا علموا بها

   كما لا يجوز سريانها من حيث المبدأ على الماضي وإرجاء تنفيذيها إلى المستقبل إلا في حالات خاصة.

أولا: سريان القرارات في حق الأفراد

   الأصل أن القرار الإداري يرتب آثاره كاملة بصدوره، إلا أن الاحتجاج بآثاره تجاه الأفراد لا يسري إلا من تاريخ علمهم به بإحدى الوسائل التي يقرها القانون وهي كالآتي:

-         التبليغ: ويعني إعلام صاحب الشأن بالقرار وبمحتوياته الأساسية أو الجوهرية، وإذا أغفل الإعلان بعض المعلومات فلا يجوز الاحتجاج إلا في حدود ما تم إعلانه، والتبليغ وسيلة لإشهار القرارات الفردية، إذ أن النشر لا يحل محل التبليغ.

 

-         النشر: هي وسيلة لإعلام عدد غير محدد من الأشخاص بصدور القرارات التي تهمهم. وجرت العادة أن يتم النشر في الجريدة الرسمية مع أنه ليس هناك نص عام يقرر هذا المبدأ وهو ما يسمح بإمكانية النشر بأية طريقة ما عدا إذا نص قانون على خلاف ذلك. والنشر لإشهار القرارات التنظيمية بصفة عامة ومن الضروري أن يتضمن المحتويات والبيانات التفصيلية لتلك القرارات وإلا اعتبر النشر باطلا للقرارات التي تطلب القانون أو استقر العرف على نشرها وتهم بصفة عامة القرارات ذات الطابع العام كالمراسيم والقرارات الوزارية التنظيمية.

 

-         العلم اليقيني: والمقصود به أن يثبت بطريقة ما أن صاحب الشأن قد علم بصدور القرار وبمضمونه وبشكل يقيني لا يدع مجال للشك كأن يلجأ صاحب الشأن إلى الإدارة المعنية بتظلم كتابي من القرار. وهذه الوسيلة هي من ابتداع القضاء الإداري الفرنسي قبل أن يأخذ بها القضاء الإداري المغربي، لكن هذه الوسيلة تبقى استثنائية ومن ثم فالقضاء لا يتوسع كثيرا الأخذ بها .

   ثانيا: سريان القرار على الماضي

   يعتبر مبدأ عدم رجعية القوانين والقرارات من المبادئ العامة للقانون، ومفاده عدم سريانها على الفترة السابقة لصدورها، وإنما ينحصر سريان آثر القرار على ما يحدث من وقائع وأعمال بعد تاريخ السريان.

   وقد أكد الفقه والقضاء الإداريين على مبررات الأخذ بهذا المبدأ والتي تتمثل في عدم تجاوز حدود الاختصاص الزمني والرغبة في احترام الحقوق المكتسبة ثم ضمان استقرار المعاملات والأوضاع القانونية بالإضافة إلى الحيلولة دون تطبيق القرار خلال فترة قد يكون سبب القرار قائما خلالها، وإنما ظهر بعد صدوره.

   وقاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية ليست مطلقة وإنما ترد عليها مجموعة من الاستثناءات أصبحت محل اتفاق الفقه والقضاء وهي:

-         حالة وجود نص قانوني صريح يجيز للإدارة اتخاذ أنواع معينة من القرارات بصفة رجعية.

-         حالة صدور حكم قضائي بإلغاء قرار إداري معين، حيث يجوز للإدارة أن تتخذ قرارا لتنفيذ مقتضيات الحكم القضائي بتصحيح الأوضاع المعيبة.

-         حالة سحب القرارات الإدارية حيث يؤدي الأمر إلى إلغاء كافة الآثار التي تترتب عليه في الماضي بشرط ألا تكون قد ترتب عليها حقوق مكتسبة للغير.

-         حالة القرارات الصادرة لتنظيم بعض الأمور خلال مواسم معينة.

ثالثا: إرجاء آثار القرارات إلى المستقبل

   القاعدة أن الإدارة لا تصدر قراراتها إلا إذا دعت الضرورة غلى ذلك، ومن تم لا يمكن تأخير آثارها إلى تاريخ لاحق لصدورها وإشهارها، بيد أنه بصفة استثنائية، قد تتخذ الإدارة بعض القرارات وترجئ آثارها إلى المستقبل، إلا أن تطبيق هذا الاستثناء بمقتضى التمييز بين القرارات التنظيمية والقرارات الفردية:

-         فالقرارات التنظيمية: لا يتولد عنها حقوق مكتسبة وإنما يتولد عنها مراكز تنظيمية عامة، ومن حق الإدارة تعديلها، وإصدار القرارات التنظيمية مع إرجاء آثارها إلى تاريخ لاحق.

-         أما القرارات الفردية: فتولد عنها حقوق مكتسبة للمعنيين بها، وبتالي لا يجوز إرجاء آثارها إلى تاريخ المستقبل إلى إذا كان لهذا إلا رجاء مبرراته الجدية، كأن يوقف نفاذ القرار الصادر بتعيين موظف إلى حين توفير الاعتماد المالي اللازم لترتيب آثاره.

الفقرة الثالثة: انتهاء القرارات الإدارية

   تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى انتهاء القرار الإداري، فقد ينتهي القرار الإداري نهاية طبيعة، وقد ينتهي بلجوء صاحب المصلحة إلى طريق دعوى الإلغاء لاستصدار حكم قضائي بإلغاء القرار المطعون فيه، بالإضافة إلى ذلك هناك وسيلتين مهمتين لإنهاء آثار القرارات الإدارية وهما السحب والإلغاء.

أولا: سحب القرارات الإدارية

   يقصد بسحب القرار الإداري زوال كافة آثاره سواء في الماضي أو المستقبل، وبذلك يعتبر القرار المسحوب كأن لم يكن من تاريخ إصداره، وهو كذلك إعدام القرار الإداري من طرف مصدره أو من طرف السلطة التي تعلوه، وذلك بمحو آثاره بالنسبة للماضي والمستقبل، فيصبح كأن لم يكن ويزول بأثر زجعي كليا أو جزئيا في إطار الشروط المنظمة لعملية السحب والمتمثلة في عدم شرعية القرار واحترام أجل ستين يوما من صدوره.

   ويميز في هذا الإطار بين نوعين من القرارات: القرارات التنظيمية والقرارات الفردية.

-         القرارات التنظيمية: وفيها نميز بين حالتين، الأولى إذا لم تطبق القرارات التنظيمية تطبيقا فرديا، أي لم تصدر لتطبيقها قرارات فردية، في هذه الحالة يجوز سحبها في أي وقت لأنها لم تترتب عنها حقوق مكتسبة. أما الحالة الثانية، فإذا طبقت القرارات التنظيمية تطبيقا فرديا، أي صدرت لتطبيقها قرارات فردية، في هذه الحالة لا يمكن سحبها إلا خلال مدة محددة وهي المدة المخصصة لرفع دعوى الإلغاء، وفي حالة رفعها قبل النطق بالحكم.

-         القرارات الفردية: وهي على نوعين، الأولى القرارات التي لا تنشئ حقوقا وفيها نميز بين حالتين: إما أن تكون قرارات مشروعة فلا يمكن سحبها لأنها تكون قد ولدت حقوقا للأفراد. وإما أن تكون غير مشروعة فيجوز سحبها لكن خلال الأجل المحدد للطعن بالإلغاء أو إلى حين الفصل إذا كان قد رفع الطعن فعلا. أما النوع الثاني من القرارات وهي القرارات الفردية التي لا تنشئ حقوقا يجوز سحبها في أي وقت، ومن أمثلة هذه القرارات نذكر: القرار الصادر عن غش أو تدليس من المعني بالأمر.

ثانيا: إلغاء القرارات الإدارية

   يقصد بإلغاء القرار الإداري إنهاء مفعوله بالنسبة للمستقبل فقط مع ترك آثاره في الماضي، إلا أنه يجب التمييز بين إلغاء القرارات التنظيمية والقرارات الفردية. ففيما يخص الأولى فيمكن للإدارة إلغاؤها في أي وقت بغض النظر عن كونها مشروعة أو غير مشروعة لأنها تتضمن قواعد عامة لا يترتب عنها أية حقوق مكتسبة. أما القرارات الفردية فيتعين التمييز فيها بين حالتين، إما أن تكون مشروعة فلا يجوز إلغاؤها، بل ينبغي احترامها تبعا لمبدأ الحقوق المكتسبة. وإما أن تكون غير مشروعة فيجوز إلغائها لكن داخل الأجل المحددة للطعن بالإلغاء.

   وتجدر الإشارة إلى أن الإلغاء أو السحب يمكن أن يهم القرار الإداري بأكمله، كما يمكن أن يكون جزئيا، يهم جزءا من القرار الإداري في حالة قابليته للتجزئة. 

 

المبحث الثاني: آليات الرقابة على القرار الإداري

   إن الإدارة باعتبارها سلطة عامة أثناء قيامها بأنشطتها تحقيقا للمصلحة العامة، قد تعرض حقوق وحريات الأفراد في كثير من الأحيان للخطر، وقد تتجاوز السلطة أو تتعسف في استعمالها، خصوصا على مستوى القرارات الإدارية المتخذة ولحماية الحقوق والحريات، وضمان احترام مبدأ الشرعية، عملت مختلف النظم القانونية المقارنة على اختلاف أنظمتها على إخضاع أعمال الإدارة لرقابة القضاء، خصوصا مع اتساع مجالات تدخل الإدارة (المطلب الأول)، إلى جانب وجود آليات رقابية أخرى لا تقل أهمية في هذا الإطار (المطلب الثاني).

المــطــلـــب الأول: الرقـــابـــة القـــضــائــيــة

   بمقابل الاتفاق شبه العام بين مختلف الدول على إخضاع أعمال وتصرفات الإدارة لرقابة القضاء من عقود إدارية وقرارات إدارية، لكن هذه الأخيرة قد تباينت في طبيعة النظام القضائي المتبع في العملية الرقابية (الفقرة الثانية)، من جهة أخرى تعد دعوى الإلغاء ودعوى التعويض أهم الوسائل القانونية الممنوحة للقضاء للرقابة على القرار الإداري، ومختلف الأعمال الإدارية الأخرى (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الأنظمة القضائية الرقابية على القرار الإداري

   بفحص مختلف النظم القضائية المقارنة التي تراقب أعمال وتصرفات الإدارة، وبطبيعة الحال منها القرارات الإدارية، نجد اتجاهين أساسين: الأول يعهد بجميع المنازعات الإدارية وحتى العادية للقضاء العادي للبث فيها، ويسمى هذا النظام القضائي بنظام وحدة القضاء (أولا)، وبمقابل هذا النظام نجد نظام القضاء المزدوج الذي يقوم على إلزامية إحداث قضاء متخصصا مستقلا - القضاء الإداري- لينظر في المنازعات الإدارية فقط (ثانيا).

أولا: نظام القضاء الموحد

   إن أسلوب وحدة القضاء يقوم على منح القضاء العادي صلاحية الفصل في جميع المنازعات أيا كانت طبيعتها مدنية أو إدارية، بحيث تتولى فيه المحاكم العادية البث والفصل في جميع هذه المنازعات، وتعد الدول الأنغلوسكسونية هي الدول التي تتبع هذا النظام والرائدة فيه، وخصوصا بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

   ولقد ارتبط تاريخيا تطور هذا النظام القضائي المتميز بتطور البنية النظامية السياسية والإدارية، مما استوجب معه استحداث أجهزة وهيئات ولجان متخصصة، لتتولى معالجة الكثير من القضايا والمنازعات التي تكون الأجهزة والمؤسسات الإدارية طرفا فيها، لكنها ظاهرة استثنائية فقط، بحيث يبقى القضاء العادي هو الأصل، لأن الهيئات القضائية المتخصصة ليست مستقلة تماما عن القضاء العادي، خصوصا في قمة الجهاز إذ يتم الطعن بالاستئناف والنقض في قراراتها أمام هيئات القضاء العادي، كما أنها تلجأ لحل المنازعات المطروحة أمامها إلى تطبيق القانون العادي أساسا، أي أنها لا تتوفر على مقومات القضاء المزدوج.

   إلا أنه وما يلاحظ عن نظام وحدة القضاء أن المحاكم العادية فيه تتمتع بقدر كبير من السلطات أثناء البث في المنازعات ذات الطبيعة الإدارية مما يتعارض ومبدأ استقلالية الهيئات القضائية عن الهيئات الإدارية.

   فإن كان القاضي الإداري في ظل القضاء المزدوج لا يملك سوى سلطة إعدام القرار الإداري متى رأى فيه تحقق شرط من الشروط الموضوعية لإلغاء القرارات الإدارية. بمقابل ذلك، فإن القاضي في نظام وحدة القضاء فإن القاضي فيه يمتلك سلطات واسعة، وإذا أخذنا النظام القضائي البريطاني نموذجا فإن القاضي فيه لا يكتفي فقط بفحص مشروعية العمل الإداري بل يمكنه توجيه أوامر إلى الإدارة بالقيام بعمل أو الامتناع عنه أو تعديل قراراتها أو سحبها.

   من جهة أخرى نجد تعدد التبريرات من الأطراف التي وضعت وآمنت بهذا النظام، بحيث نجد مبررات نظرية تذهب إلى تفسير خاص لمبدأ الفصل بين السلطات الذي بمقتضاه تستقل كل سلطة من السلطات الثلاث بمزاولة الاختصاصات المسندة لها بمقتضى التشريع الأساسي، ومادام أن السلطة القضائية قد حدد لها اختصاص الحسم في المنازعات القانونية مدنية كانت أو إدارية فلماذا يتم تخصيص قضاء إداري متخصص بمعنى آخر لما كانت المنازعات الإدارية جزء من المنازعات القانونية فلا داعي لإقامة قضاء إداري منفصل عن القضاء العادي.

   من المبررات أيضا أن نظام وحدة القضاء يحقق ميزة البساطة والوضوح والمرونة في العمل القضائي بتفادي مشاكل تنازع الاختصاص وتعارض الأحكام التي يتميز بها نظام القضاء  المزدوج، بالإضافة إلى أن تطبيق هذا النظام يستبعد إمكانية إرهاق مالية الدولة فخلق قضاء إداري ستقل كاهل الموازنة لان يستلزم إحداث محاكم وإعداد قضاة وما يتطلبه ذلك من التزامات مالية ضخمة.

   وبمقابل هذه المبررات التي تحمل بين طياتها إيجابيات هذا النظام، نجد منتقدون لهذا النظام انطلاقا من المساوئ التي يتسبب فيها أثناء تطبيقه، بحيث أن العمل به مثلا لا يراعي بين الاختلاف الكبير القائم بين طبيعة المنازعات العادية (الفردية) والمنازعات الإدارية، كما أن العمل به يترتب عنه ضرب مبدأ استقلالية الهيئات القضائية عن الهيئات الإدارية....

   وإلى جانب نظام وحدة القضاء نجد نظام آخر لا يقل أهمية ألا وهو نظام القضاء المزدوج الذي يعد أحد الأنظمة القضائية الرقابية على أعمال وتصرفات الإدارة، إذن ماذا يقصد بنظام القضاء المزدوج؟ وما تاريخ نشأته؟ وما هي أهم مميزاته وسلبياته؟

ثانيا: نظام القضاء المزدوج

   نظام القضاء المزدوج أو نظام الازدواجية القضائية كما يحلو للبعض تسميته، إنه نظام قضائي متميز وتقوم فكرته على أساس إحداث هيئة قضائية (القضاء الإداري) مختصة دون سواها بالفصل في المنازعات الإدارية، وهذه الهيئة القضائية التي تتولى الفصل في المنازعات الإدارية وفقا لقواعد القانون الإداري.

   إذن، نظام ازدواجية القضاء يرتكز من حيث تنظيمه ومجال اختصاصه على وجود هرمين قضائيين، يتشكل الهرم الأول من الهيئات القضائية التي تسمى ب القضاء العادي، الذي يختص بالفصل في مختلف النزاعات العادية المدنية التجارية.... وبصفة عامة في كل النزعات، اللهم إذا ما تم استثناء تلك النزاعات ذات الطابع الإداري التي تكون من اختصاص الهرم الثاني من الهيئات القضائية الفاصلة في المنازعات الإدارية ويسمى هذا الهرم ب القضاء الإداري.

   وبالقيام بعملية تدقيق وافتحاص في مختلف النظم القضائية المقارنة فيلاحظ أن الدول التي اعتنقت هذا النظام القضائي معظمها دول فرونكوفونية، وتعد فرنسا مهد هذا النظام فقد نشأ وتطور فيها ومنها اقتبست كثير من الدول قواعد هذا النظام.

   إن الحديث عن نشأة وتطور نظام القضاء المزدوج فإنه وبطبيعة الحال يستلزم الحديث عن الصيرورة التاريخية لتطور القضاء الإداري الفرنسي، أخذا بعين الاعتبار أن هذا النظام وليد الدولة الفرنسية، ولقد تميز تطور القضاء الإداري الفرنسي بثلاث مراحل أساسية قبل أن يستقر على ما هو عليه الوضع حاليا، فأما المرحلة الأولى فهي مرحلة الإدارة القضائية التي تميزت بتطبيق مبدأ الفصل بين الهيئات القضائية والهيئات الإدارية، لكن في هذه المرحلة وبالرغم من استبعاد رجال الثورة الفرنسية المنازعات الإدارية من اختصاص المحاكم القضائية فإنهم لم يعملوا على إحداث قضاء إداري متخصص بل عهدوا بهذا الاختصاص إلى الإدارة نفسها وقد استمرت هذه المرحلة إلى حدود سنة 1797 م .

   لقد شكل إحداث مجلس لدولة في باريس إلى جانب إحداث مجالس للأقاليم في السنة الثامنة بعد الثورة الفرنسية (1789) محطة انتقال من مرحلة الإدارة القضائية إلى مرحلة القضاء المحجوز، حيث عهد في هذه المرحلة إلى تلك المجالس مهمة فحص ودراسة الدعاوى التي تعرض عليها وتقديم مقترحات بشأنها إلى الرؤساء الإداريين أو إلى رئيس الدولة الذي يصدر القرار النهائي بخصوص المنازعة، وبهذا يتضح أن تلك المجالس لم تكن محاكم بقدر ما هي مجرد هيئات استشارية.

   وقد شكلت مرحلة القضاء المفوض ثالث مراحل تطور القضاء الإداري الفرنسي حيث وبصدور قانون 24 ماي 1872 أصبح مجلس الدولة الفرنسي هيئة قضائية مستقلة عن الإدارة بحيث أصبحت أحكامه تنفذ بمجرد صدورها دون تصديق من الإدارة، لكن ذلك لم يمنع من امتياز الإدارة في كونها صاحبة الاختصاص العام في المنازعات الإدارية، واستمر الوضع على ذاك النحو حتى عام 1889 حيث أصدر مجلس الدولة حكمه الشهير في قضية CADAT انتهى فيها المجلس غلى القضاء على نظرية الوزير القاضي وأصبح بتالي صاحب الاختصاص العام.

   وفي سنة 1953 صدر مرسوم أصبحت معه المحاكم الإدارية (محاكم الأقاليم سابقا) صاحبت الاختصاص العام في المنازعات الإدارية، وبذلك تتحدد أجهزة القضاء الإداري الفرنسي حاليا في الحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية ومجلس الدولة ومحكمة التنازع.  

   وتعد المملكة المغربية أحد الدول التي تأخذ بهذا النظام القضائي، بحيث تتميز الدولة المغربية بوجود قضاء إداري قوامه ثلاث ركائز أساسية وهي : المحاكم الإدارية التي أحدثت بموجب ق 41.90، والمحاكم الإدارية الاسثئنافية التي أحدثت بموجب قانون 80.03 كدرجة ثانية للتقاضي، وأخيرا محكمة النقض كجهة للنقض.

   وقد تعرض هذا النظام بدوره إلى انتقادات عدة أهمها أنه يتسبب في مشكل تنازع الاختصاص بين المحاكم القضائية والمحاكم الإدارية.

   ومن جهة أخرى، تعد دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة إحدى الوسائل العملية الممنوحة للقضاء الإداري في سبيل إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة، وفي بعض الأحيان لا يتوقف الأمر عند حد إلغاء القرار الإداري بل إلى إثارة دعوى التعويض بغية تعويض المتضرر من القرارات الإدارية الغير مشروعة. إذن فماذا يقصد بدعوى الإلغاء ودعوى التعويض باعتبارهما وسيلتين بيد القاضي الإداري للرقابة على القرارات الإدارية؟

الفقرة الثانية: وسائل القضاء للرقابة على القرارات الإدارية

   إعمالا بمبدأ الشرعية الذي يعد أساس للرقابة القضائية على أعمال وتصرفات الإدارة، فإن أي قرار إداري منافي للقواعد مبدأ الشرعية فإنه يعد قرارا معيبا، ويتدخل حينها القاضي الإداري لإلغاء ذلك القرار (أولا)، وإن ترتب عنه ضررا لأحد الأطراف فيمكن إثارة دعوى لتعويض المتضرر في إطار المسؤولية الإدارية لإصلاح وجبر الضرر بتعويض (ثانيا).

أولا: دعوى الإلغاء

   تعد دعوى الإلغاء آلية أو وسيلة قضائية التي من خلالها يتمكن القاضي الإداري من مراقبة تصرفات الإدارة وإلغاء قراراتها غير المشروعة، بتالي فموجب دعوى الإلغاء يكون للقاضي فحص مشروعية القرار الإداري، فإذا تبين له مجانبة القرار للقانون حكم بإلغائه ولكن دون أن يمتد ذلك إلى حكمه بتعديل القرار المطعون فيه أو استبدال غيره كما هو الشأن بالنسبة للقاضي في نظام وحدة القضاء.

   إن دعوى الإلغاء أو الطعن بالإلغاء تتصف بصفة العمومية بمعنى أن هذه الدعوى توجه إلى أي قرار إداري دون حاجة إلى نص صريح، بل حتى لو كان القرار محصن تشريعيا كما هو الشأن بالنسبة لقرارات المحافظ العقاري، بحيث تاريخيا كان للقضاء الإداري القدرة على تجاوز مثل هذه التحصينات والحكم بإلغاء القرارات الإدارية الغير مشروعة، على اعتبار أن التحصين التشريعي لبعض القرارات الإدارية يتنافى ومبدأ الشرعية وكذلك المقتضيات الدستورية، كما يضرب حق الأفراد في اللجوء إلى القضاء.

   كما أن الطعن بالإلغاء لا يترتب عنه توقيف التنفيذ إلا في حالات استثنائية التي تتمثل أساسا في التماس رافع الدعوى من المحكمة الإدارية أن تأمر بصورة استثنائية وقف التنفيذ وذلك طبقا لشروط أهمها أن سريان التنفيذ من شأنه إحداث أضرار حقيقية.

   من جهة أخرى فإن دعوى الإلغاء تستلزم نوعين من الشروط شكلية وأخرى موضوعية، بحيث لا يمكن للقاضي الإداري أن ينتقل إلى فحص موضوع الدعوى إلا بعد تأكده من مدى توفر وصحة الشروط الشكلية وإلا إذا دفع القاضي بعدم قبول الدعوة .

   فأما بالنسبة للشروط الشكلية فتتجلى في أربعة أمور أساسية، فالأولى تتعلق بالشروط التي ينبغي أن تتوافر في رافع الدعوى بحيث يجب أن يتصف رافع الدعوى بشرط الأهلية والصفة والمصلحة وذلك طبقا للفصل الأول من قانون المسطرة المدنية، ثم نجد الشروط المتعلقة بالقرار موضوع الطعن بحيث ينبغي أن يكون القرار موضوع الطعن قرارا إداريا وأن يكون أيضا قرارا نهائيا وتنفيذيا.

فالقرار الإداري هو ذلك القرار الصادر عن السلطة الإدارية، وذلك إعمالا بالمعيار الشكلي الذي كان يؤخذ به من قبل المجلس الأعلى سابقا وحتى المحاكم الإدارية، وبذلك كانت أعمال الحكومة السيادية وأعمال القضاء والتشريع ومقررات الخواص والأعمال الملكية مستبعدة من الطعن بالإلغاء، لكن سرعان ما تم تجاوز هذا المعيار ليتم الأخذ بالمعيار الموضوعي وذلك إعمالا بمقتضيات الفصل 118 من الدستور التي تنص على أن أي قرار تنظيمي كان أو فردي اتخذ في المجال الإداري يمكن الطعن فيه أمام الجهة القضائية الإدارية المختصة، ولذلك فقد تم توسيع دائرة القرارات القابلة للطعن بالإلغاء من قبيل القرارات الصادرة من رئيس المحكمة تجاه موظفيها، وقرارات رئيسي مجلسي البرلمان تجاه موظفي البرلمان....

ومعنى أن يكون القرار نهائيا أو تنفيذيا أي أن يكون قد استنفذ مجموع الإجراءات التي تجعله مؤثرا في المراكز القانونية وبذلك فقد تم استبعاد الأعمال التحضيرية والقبلية والدوريات والمناشير إلا إذا كان المنشور يتضمن تعديلات في القرار المتخذ، وكذلك العقود الإدارية إلا أن القضاء قد ابتدع لنفسه نظرية القرارات المنفصلة عن العقد.    

   ومن الشروط الشكلية الرئيسية التي ينبغي أن تتوافر لقبول دعوى الإلغاء تلك الشروط المتعلقة بالمواعيد والإجراءات، فلرفع دعوى الإلغاء لا بد من احترام الأجل القانوني لرفعها المتمثل في ستين يوما ابتداء من يوم تبليغ أو نشر القرار المطعون فيه، أو حتى تحقق العلم اليقيني بالقرار، هذا ولتنبيه فإن سريان ميعاد الطعن بالإلغاء قد يتوقف أو ينقطع، فأما بخصوص وقف سريان ميعاد الطعن الذي يكون أحد أسبابه قوة قاهرة، فيترتب عنه احتساب المدة السابقة ضمن الأجل المحدد لرفع الدعوى، أما بخصوص الانقطاع فيترتب عنه محو المدة السابقة وفتح ميعاد جديد، وتتعدد الحالات التي يترتب عنها انقطاع سريان ميعاد رفع الدعوى من قبيل تقديم طلب الإلغاء إلى جهة غير مختصة.

   أما بخصوص الإجراءات فينبغي أن تقدم طلبات الإلغاء بواسطة مقال مكتوب وموقع من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض، بالإضافة إلى ضرورة توفر مجموعة من الشكليات الأخرى.

   وآخر الشروط الشكلية لقبول دعوى الإلغاء هو ضرورة انتفاء الدعوى الموازية، ويقصد بشرط انتفاء الدعوى الموازية هو عدم وجود طريق قضائي آخر للطعن في القرار الإداري الغير المشروع ويرتب نفس الآثار المترتبة عن إعمال دعوى الإلغاء.

   هكذا، وبعدما أن يتأكد القاضي الإداري من توفر الشروط الشكلية لقبول دعوى الإلغاء شكلا، فإنه ينتقل إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة البت في موضوع الدعوى ليتأكد من مدى مشروعية القرار من عدمه.

   وبالرجوع إلى المادة 20 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، فيلاحظ أن المشرع قد عمل على تحديد حالات وأوجه الإلغاء:

-         عيب عدم الاختصاص: إن هذا العيب يعد أكثر العيوب التي تؤدي إلى الحكم بإلغاء القرار الإداري، وهو مرتبط بركن الاختصاص، ويتحقق عدم الاختصاص في مجموعة من الحالات، هكذا بالرجوع إلى الأحكام والقرارات القضائية بالإضافة إلى كتابات الفقه نجد عيب عدم الاختصاص الجسيم، والذي يتحقق في حالة ما إذا صدر القرار من السلطة الإدارية ويعود موضوع اختصاصه في الأصل إلى السلطة القضائية أو التشريعية، كما يتحقق في حالة صدر القرار من فرد عادي ليست له أي صفة أو تكلفة للقيام بذلك التصرف. وعيب عدم الاختصاص الموضوعي، ويتحقق هذا العيب في حالة صدر قرار من سلطة إدارية ما ويعود في الأصل إلى سلطة إدارية أخرى، وعيب عدم الاختصاص الزمني الذي يتحقق في حالة صدور القرار خارج المدة القانونية التي يستوجبها الإصدار،  وأخيرا عيب عدم الاختصاص المكاني ويتحقق في حالة صدور قرار إداري من طرف رجل الإدارة يتجاوز نطاق اختصاصه المكاني.

-         عيب الشكل: ويتحقق عندما لا يتم احترام القواعد الإجرائية أو الشكلية المحددة قانونا لإصدار القرارات الإدارية ومنها هذه الشكليات نجد تسبيب القرار الإداري، وتوقيعه وإشهاره.

-         عيب مخالفة القانون: وهو عيب مرتبط بركن المحل، ويتحقق هذا العيب في حالتين وهما صورة الخطأ المباشر في تطبيق القانون وكذلك عدم احترام المبادئ العامة للقانون، ولزم التأكيد أن رقابة القضاء فيما يتعلق بمخالفة القانون تبقى رقابة موضوعية تستهدف التحقق من مدى مطابقة المحل ومضمون القرار الإداري للقانون.

-         عيب الانحراف في استعمال السلطة: هذا العيب مرتبط بركن الغاية، وكما هو معلوم أن إصدار أي قرار إداري فإنه مرتبط بغاية، لكن سرعان ما يتم الانحراف عن هذه الغاية وذلك عن طريق تبني تحقيق أغراض شخصية وحتى حزبية، بل حتى أن الانحراف يتحقق في المسطرة والإجراءات.

-         عيب انعدام الأسباب: ويتحقق هذا المرتبط بركن السبب في ثلاث حالات، الحالة الأولى تتمثل في الخطأ في الوجود المادي للوقائع، ويكون ذلك في حالة انعدام وجود السبب المدلى به. أما الحالة الثانية فتتمثل في الخطأ في الوجود القانوني للوقائع ويكون ذلك في حالة انعدام الأساس القانوني للوقائع، وأخيرا الخطأ في التكييف القانوني للوقائع، بحيث يلزم القاضي بفحص التكييف القانوني الذي أعطته الإدارة لواقعة ما ليتأكد من صحة ذلك التكييف.

   إذا كما التأكيد على ذلك سابقا، فإن إلغاء القرار الإداري غير الشرعي لا يكفي في الكثير من الحالات لإقرار الشرعية، بل يستوجب معه في بعض الأحيان إقامة دعوى للتعويض وخصوصا إن ترتب عن القرار الإداري غير الشرعي أضرارا معينة. إذا فماذا يقصد بدعوى التعويض باعتبارها وسيلة بيد القضاء للرقابة على القرارات الإدارية؟

ثانيا: دعوى التعويض

   تعد دعوى التعويض أو ما يعرف بدعوى المسؤولية الإدارية، إحدى أهم الوسائل التي تمكن القاضي الإداري من إقرار الشرعية، هذا وتدخل دعوى التعويض ضمن دعاوى القضاء الشامل، ومن خلالها يطلب المتضرر من القضاء إنصافه عن طريق تعويضه عن ما أصابه من ضرر.

   إن القاضي في إطار دعوى التعويض يمتلك سلطات موسعة في تقدير الضرر وتقرير المسؤولية وأخذ الظروف المحيطة بعين الاعتبار، ومن جهة أخرى فإن الدولة لا تقتصر مسؤولياتها فقط في الحالات التي تكون قد ارتكبت فيها خطأ معين، بل تمتد إلى حالات أخرى للتعويض دون وجود خطأ ما.

   هذا وقد نصت المادة الثامنة من ق 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية على أن الجهة القضائية المختصة بالبت في دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، غير أن الأضرار التي تسببها في الطريق العام المركبات باختلاف أنواعها التي تكون في ملكية أشخاص القانون العام تستثنى من هذه المادة.

   ومن كل ما سبق يتضح أن دعوى التعويض أو المسؤولية الإدراية يمكن إثارتها سواء بناء على خطأ أو بدونه، فأما المسؤولية الإدارية بناء على خطأ فإنها تقوم على ثلاث أركان أسياسية وهي الخطأ والقاعدة هي الفصل بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي أو المصلحي، أما الركن الثاني فهو الضرر، ويكون الضرر المستوجب للتعويض مشروطا بأن يكون مباشرا ومحقق الوقوع ويمس بوضعية يحميها القانون.

وأخيرا ركن العلاقة السببية، بحيث لابد من شرط إقرار العلاقة السببية بين الخطأ المرفقي والضرر الذي ترتب عنه، وتبعا لذلك فإن الإدارة لا تسأل في حالة انعدام العلاقة السببية، ويتحقق ذلك في ثلاث حالات وهي القوة القاهرة وخطأ المضرور وخطأ الغير.

   وإلى جانب المسؤولية الإدارية بناء على خطأ، نجد المسؤولية الإدارية بدون خطأ أو ما يصطلح عليها المسؤولية الإدارية بناء على المخاطر والتي ينفرد بها القانون الإداري عن القانون الخاص، بحيث يقرر التعويض حتى في حالة عدم وجود خطأ من الإدارة، إذ يكفي إثبات الضرر الناتج عن القرار الإداري وعلاقته السببية بنشاط الإدارة.

   إن الحديث عن الحالات العملية للمسؤولية الإدارية بدون خطأ يمكن التمييز بين العديد من الحالات التي أقرها المشرع مثل الأضرار الحاصلة للمتعاونين مع الإدارة والتي تضمنها قانون الوظيفة العمومية، وأخرى نتاج لاجتهادات قضائية من قبيل الأضرار الناتجة عن الإشغال العمومية.

   وهكذا يبدو مما سبق أن القضاء أصبح يلعب دورا حاسما في الرقابة على القرار الإداري، وضامنا لتحقيق مبدأ الشرعية. وإلى جانب الرقابة القضائية على القرارات الإدارية، نجد أنواع رقابية أخرى على القرارات الإدارية بصفة خاصة وتصرفات وأعمال الإدارة بصفة عامة لا تقل أهمية وباتت تتطور بتطور مفهوم الرقابة وأبعادها، وهكذا نجد الرقابة السياسية والإدارية إحدى أنواع الرقابة المستحدثة على القرار الإداري.

المـطـلـب الثـانـي: آلـيـات رقـابـيـة أخـرى عـلـى الـقـرار الإداري

   إذا كانت للقضاء الأهمية البالغة على مستوى رقابة مدى شرعية القرارات الإدارية، فإن للبرلمان والرأي العام أهمية رقابية لا تقل شأن من السابقة، وتندرج رقابة البرلمان والرأي العام ضمن خانة ما يعرف بالرقابة السياسية (الفقرة الأولى)، كما أنه وفي سياق الرقابة على القرار الإداري نجد الإدارة نفسها تمارس رقابة ذاتية على تصرفاتها، إلى جانب مؤسسات دستورية مستقلة أضحت تمارس وبصفة مستقلة ممارسة العمل الرقابي ذات الطبيعة الإدارية على تصرفات الإدارة ويسمى هذا النوع الرقابي بالرقابة الإدارية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الرقابة السياسية

   تتحقق الرقابة السياسية على القرارات الإدارية بواسطة تطبيقات عملية مختلفة، ومنها تدخل البرلمان بواسطة عدة آليات دستورية وقانونية (أولا)، كما أن هذه الرقابة تتحقق عن طريق الأفراد أو ما يصطلح عليه بالرأي العام (ثانيا).

أولا: رقابة البرلمان

   لقد مكن دستور المملكة لسنة 2011، السلطة التشريعية في إطار علاقتها بالسلطة التنفيذية بمباشرة رقابة على أعمال هذه الأخيرة، خصوصا على مستوى الأعمال ذات الطبيعة الإدارية، ومن أجل بلوغ ذلك فقد عمل المشرع على دسترة العديد من الآليات التي تمكن البرلمان من تفعيل هذه الرقابة:

-         ملتمس الرقابة: إن ملتمسات الرقابة هي آلية مرنة تمكن مجلس النواب من إمكانية معارضة عمل الحكومة من مواصلة مسؤولياتها، وتصل المسألة إلى حد استقالة الحكومة إن تمت الموافقة عليه، ولمجلس المستشارين أيضا إمكانية مسائلة الحكومة بواسطة ملتمس عن عمل حكومي معين وفق للمقتضيات الدستورية، وعلاقة بموضوعنا فإن البرلمان بشقيه يمكن أن يتخذ ملتمسات رقابية على أعمال الحكومة، ومنها بطبيعة الحال التي يكون موضوعها قرارات إدارية يرى فيها أنها مجانبة للشرعية.

-         الأسئلة: إن البرلمان وحسب الفصل 100 من الدستور بإمكانه توجيه أسئلة إلى الحكومة، وإلزامية هذه الأخير بالإجابة عنها داخل 20 يوما الموالية للإحالة، بتالي فيمكن أن يكون موضوع السؤال مرتبط باستفسارات واستيضاح حول قرارات إدارية تأخذ شكل مراسيم أو قرارات ذات طبيعة عامة صادرة عن الحكومة.

-         التحقيق: بحيث يمكن للجان المعنية في كلا المجلسين أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، بحضور الوزراء المعنيين وتحت مسؤولياتهم، وهنا قد يكون طلب الاستماع نتاج قرار إداري متخذ من طرف أحد الأطراف السابقة الذكر.

-         سحب الثقة: بإمكان البرلمان سحب الثقة من الحكومة، بحيث يترتب عن سحب الثقة استقالة الحكومة استقالة جماعية، وهنا قد يكون الباعث لسحب البرلمان ثقته من الحكومة قرارات إدارية صادرة عن هذه الأخيرة مجانبة لقواعد الشرعية.

   إذن فإن البرلمان له إمكانيات تؤهله إلى ممارسة رقابة سياسية على أعمال وتصرفات الإدارة، وذلك عن طريق آليات تم التأكيد عليها دستوريا. وإلى جانب البرلمان نجد الرأي العام الذي بات له شأن مهم على مستوى الرقابة على أعمال وتصرفات الإدارة عموما.

ثانيا: رقابة الرأي العام

   إن الرقابة السياسية على القرارات الإدارية لا يمكن اختزالها أو حصر مجالها على رقابة البرلمان، وإذا كانت الرقابة السياسية تمارس بالدرجة الأولى، وكما قد وحي بذلك ظاهرها، من قبل البرلمان فإن لرأي العام أهمية بالغة على هذا المستوى، وعلى هذا المقياس تعتبر الرقابة الشعبية أو رقابة الرأي العام أساس الرقابة السياسية. و يتحدد الرأي العام يتحدد بشكل عام عبر ثلاث عناصر أساسية:

-         الرأي العام المعبر عنه، ويمثل أساسا النخبة المثقفة أو المتتبعة للتدبير الإداري والتصرفات الإدارية والتي تمتلك آليات هذا التتبع والتعبير عن موقفها من هذا التدبير المباشر؛

-         الرأي العام العادي، أي الطبقات العامة أو الشعبية التي يمكن أن تعي بمدى شرعية القرار الإداري من عدمه دون أن تمتلك آليات التتبع المباشر؛

-         ثم الرأي العام المحدد بوسائل علمية أو تقنية مثل الاقتراع أو استطلاعات الرأي، وقد أصبح حاليا يمثل قوة معنوية ذات أهمية في قياس درجة الرضا من السياسات المتبعة.

   الرقابة السياسية على القرار الإداري، يمكن أن تتم عبر آليات تختلف عن الآليات التقنية والمادية المعتادة، فيمكن بالتالي أن تشكل رقابة الرأي العام، بشكل مباشر أو غير مباشر، أداة فعالة لمتابعة النشاط الإداري ووسائله وعلى رأسها القرارات الإدارية المتخذة. وهذه الرقابة، بالإضافة إلى كونها من أسس الديمقراطية ، فهي تعتبر إحدى أهم قواعد تدعيم وتحقيق البعد التشاركي.

   وبالرجوع إلى المقتضيات الدستورية والقانونية، نجد بأن المشرع قد مكن الرأي العام من آليات متعددة تمكنه من الرقابة على أعمال وتصرفات الإدارة:

-         آلية تقديم العرائض: لقد سمحت القوانين التنظيمية المنظمة للجماعات الترابية لكل من المواطنين والمواطنات والجمعيات بتقديم عرائض للمجالس الترابية قصد المطالبة بإدراج نقطة في جدول الأعمال هذه المجالس، بما في ذلك النقط المتعلقة بتتبع الأعمال والتصرفات الإدارية، إذن فالعريضة تشكل آلية للتأثير الإيجابي ليس فقط في القرار الإداري بل في الأعمال والتصرفات القانونية للإدارة، وهي تمثل جسر يربط ما بين السلطات المنتخبة و المواطنين والجمعيات ومن شأنها أن ترفع الكثير من اللبس وسوء الفهم.

-         هيئة المساواة وتكافئ الفرص ومقاربة النوع: لقد نصت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية على إحداث هيئة استشارية لدى المجالس الترابية تدعى "هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع " تمثل فضاء للتشاور مع المجتمع المدني فالمجالات ذات الصلة بتسميتها مبدئيا، تتكون الهيئة من فاعلين جمعويين وشخصيات يقترحها رئيس المجلس لإبداء الرأي في المسائل المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الاجتماعي، صحيح أن الغرض الأولي لخلق الهيئة يبدو بعيدا عن موضوعنا المعالج، إلا أن طبيعة اختصاصاتها لابد وأن تلامس الجوانب ذات البعد الرقابي في قالب استشاري، بمعنى أنه يمكن إعطاء ملاحظات ومعاينات حول مختلف القرارات والمقررات الإدارية المتخذة في المجالات التي تدخل ضمن اختصاص الهيئة السالفة الذكر.

   إلى جانب هذه الآليات التي تمكن الرأي العام من مراقبة القرارات الإدارية توجد هنالك آليات أخرى من قبيل الآليات التشاركية للحوار والتشاور وتقديم الملتمسات....

الفقرة الثانية: الرقابة الإدارية   

   هذا النوع الرقابي يتضمن فيما يتعلق بآلياته، مجالات عدة للتدخل الرقابي تتراوح في شكلياته وهيئاته بين الرقابة الإدارية الكلاسيكية التي عرفها المغرب منذ إرساء البنيات الإدارية الأولى، وبين الآليات الرقابية الحديثة التي عرفتها المنظومة الرقابية والتي استحدث مسايرة لتطور النشاط العام الإداري للدولة المغربية.

   هكذا نميز بين الرقابة الذاتية التي تمارسها الإدارة على نفسها (أولا)، ورقابة المؤسسات والهيئات المستقلة على التصرفات والقرارات الإدارية (ثانيا).

أولا: الرقابة الذاتية

   تقوم الرقابة الإدارية الذاتية على التحقق من سلامة التصرفات القانونية للإدارة المرتبطة بنشاطها ووظائفها، فهي تنصب بالأساس على ضمان إصدار تصرفات قانونية إدارية على شكل عقود وقرارات إدارية طبقا للقوانين والتشريعات والقواعد المحددة.

   وحينما كانت مخالفة الإدارة لمبدأ المشروعية يترتب عنه بطلان التصرف الذي خالف القانون، استلزم معه الأمر ضرورة وجود سلطة مختصة قانونية مهمتها رقابة التصرفات التي تأتيها الإدارة للتحقق من مشروعيتها، وهذه السلطة هي السلطة الإدارية نفسها.

   ومقتضى ذلك أن الجهة الإدارية تقوم بمراجعة أعمالها فتقوم بسحبها أو إلغائها أو تعدلها وذلك حماية لحقوق الأفراد، وضمانا لمبدأ الشرعية. وهذه الرقابة تختلف باختلاف العلاقة بين جهة الرقابة والجهة محل الرقابة أي الخاضعة للرقابة، فإذا كانت العلاقة وصائية فإن الأمر يختلف عن الحالة في الرقابة إذا كانت العلاقة رئاسية.

   فأما بخصوص الحالة الأولى: نجد أن الجهة الإدارية الممارسة للرقابة (السلطات المركزية وممثليها) لا تمارس دور الرئيس على الإدارات اللامركزية وتصرفاتها القانونية بل مجرد وصاية قوامها مراقبة القرارات الإدارية اللامركزية رقابة على مستوى المشروعية والملائمة، بتالي فيحق للعامل أن يرفض قرارا أو مقررا صادرا عن المجلس أو رئيسه، بل على مستوى الإدارة الترابية مثلا فإن القوانين التنظيمية الجديدة المنظمة للجماعات الترابية أعطت صلاحية إلغاء القرارات والمقررات الإدارية للقضاء الإداري بعدما أن كانت صلاحية الإلغاء لوزارة الداخلية.

   أما الحالة الثانية: وهي حينما تكون الجهة رئاسية فالأمر يختلف بحيث أنها تملك صلاحيات وسلطات واسعة بالمقارنة مع الأولى، بحيث أنها تملك حق الإشراف والتوجيه والتعقيب وحق السحب والتعديل والإلغاء، كما أنها تراقب حق رقابة المشروعية والملاءمة وتمارس الرقابة الإدارية على أعمالها سواء من تلقاء نفسها أو بناء على تظلم من الأفراد.

ثانيا: رقابة الهيئات المستقلة

   يعد تطبيق الرقابة الإدارية على تصرفات الإدارة ضرورة تمليها مجموعة من المعطيات القانونية والعملية، وقد عمل المغرب على وضع اللبنات الأساسية لرقابة إدارية متعددة الأشكال والهيئات ومجالات التدخل.

 

   وعكس مجموعة من النظم المقارنة، فقد عمل المشرع المغربي على تكريس هذه النوعية من الرقابة ومنحت بموجبها الاختصاص لهيئات ومؤسسات مستقلة متعددة، مثل مؤسسات الحكامة الجيدة والمجلس الأعلى للحسابات التي باتت تضطلع بالدور الفعال في مراقبة أعمال وتصرفات الإدارة.

 

   ومن بين هذه المؤسسات والهيئات المستقلة المهمة في مجال الرقابة على القرارات الإدارية باعتبارها أهم التصرفات القانونية الصادرة عن الإدارة:

 

-         المجلس الأعلى للحسابات: ينص الدستور الجديد للمملكة على أن المجلس الأعلى للحسابات هيئة مستقلة وأن من مهامه تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية، وإذا أخذنا التفسير الموسع لهذا المقتضى فبإمكان المجلس الأعلى للحسابات تدعيم شفافية القرارات الإدارية الصادرة عن الإدارات العمومية، والمطالبة بمحاسبتها في حالة إن كانت مجانبة للشرعية.

 

-         المجلس الوطني لحقوق الإنسان: تندرج هذه المؤسسة ضمن زمرة هيئات الحكامة الجيدة، وبما أن من مهماتها النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وعلاقة بموضوعنا فالإدارة وأثناء مزاولتها لوظائفها فإنما تصدر قرارات إدارية في كثير من الأحيان متعسف فيها، ويترتب عنها إلحاق ضرر بحياة وحقوق وحريات الأفراد، ومن هذا المنطلق كان من الضروري على هذه الهيئة التدخل ومراقبة مختلف القرارات والتصرفات الصادرة عن الإدارة.   

-         مؤسسة الوسيط: إن هذه الهيئة المستقلة تعد من أهم الهيئات التي تدخل على خط مهمة الرقابة على القرارات الإدارية، فأخذا بعين الاعتبار أن من مهامها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في سيادة القانون.... بتالي فهذه المؤسسة بإمكانها التدخل في حالة صدور قرار إداري منافي للشرعية ومجانب للقانون ومن شأنه إحداث ضرر للمرتفقين.

   بالإضافة إلى هذه الهيئات توجد هيئات أخرى تندرج في سياق الهيئات والمؤسسات المستقلة، والتي تلعب دور المراقب على التصرفات الصادرة عن الإدارة وخصوصا القرارات الإدارية ومنها الهيئة المركزية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الهيئة المكلفة بالتكافؤ ومحاربة جميع إشكال التمييز....

خاتمة: 

   خلاصة القول، إن القرار الإداري يبقى ذا أهمية كبرى، وحسبنا أن لا نغالي في كلامنا إذا قلنا أن أهميته تعلو على أي نقاش. فالإدارة تتمتع بوظائف وأنشطة كبرى تهدف إلى تحقيق الصالح العام وبتالي خدمة الأفراد، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا بوسائل مختلفة تمكن الإدارة من تنزيل تلك الأنشطة على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق نجد القرار الإداري باعتباره وسيلة قانونية أهم الآليات والوسائل التي تمتلكها الإدارة للقيام بمهامها.

 

   لكن ومع قيام الإدارة بأنشطتها تحقيقا للمصلحة العامة، قد تعرض حقوق وحريات الأفراد للخطر كنتاج لقرارات إدارية متعسف فيها، لذلك تكمن أهمية الرقابة على القرار الإداري والإدارة نفسها بغية بلوغ الأهداف والغايات التي من أجلها وجدت الإدارة ومنحتها وسائل متميزة ومنفردة بها لوحدها دون سواها.

 

   وإلى جانب القرار الإداري الذي يعد إحدى الوسائل القانونية للإدارة، نجد العقود الإدارية كنوع ثاني من الوسائل القانونية الممنوحة للإدارة في سبيل قيامها بوظائفها، والتي تتميز عن القرار الإداري في كونها تقوم على الاتفاق أو التعاقد وليس اتخاذ التصرف بشكل انفرادي كما هو الشأن بالنسبة للقرارات الإدارية.

 

   إذن فما المقصود بالعقود الإدارية؟ وما هي أنواعها؟ وكيف تتم الرقابة عليها؟   

 

 

قائمة منابع العرض

نصوص قانونية:

-         الدستور المغربي لسنة 2011، الصادر بتنفيذيه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليو 2011، ج ر ع 5964 م بتاريخ 30 يوليو 2011، ص 3600.

 

-         القانون التنظيمي رقم 111.14 المنفذ بموجب الظهير الشريف رقم 83-15-1 في 20 رمضان 1436 (7 يوليو 2015)، ج.ر.ع 6380 ص.6585، في 23 يوليو 2015.

 

-         القانون رقم 03.01 المنفذ بموجب ظهير شريف رقم 1.02.200 بتاريخ 23 يوليوز 2002، ج ر ع 5029، بتاريخ 12 غشت 2002 ،ص 2282، بإلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية.

 

-         قانون 14.07 المعدل لظهير التحفيظ العقاري الصادر في 22/11/2011.

 

كـــتـــب:

-         محمد جمال مطلق الذنيبات (الوجيز في القانون الإداري)، دار الثقافة 2003

-         أحمد أجعون (القضاء الإداري)، مطبعة وراقة سجلماسة، طبعة 2013/2014

-         أحمد اجعون (النشاط الإداري)، مطبعة وراقة سجلماسة، طبعة 2014

-         أحمد أجعون (نشاط ووسائل الإدارة وفقا لتشريع المغربي)، منشورات مجلة الحقوق سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد 11.2016

-         محمد مرغيني (الوجيز في القانون الإداري المغربي، الجزء الثاني)، دار المعرفة، الطبعة الأولى 1978

-         نواف كنعان (القانون الإداري الكتاب الثاني)، دار الثقافة، 2003

-         خطابي المصطفى (القانون الإداري والعلوم الإدارية)، ط الرابعة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1998/1999

-         محمد الأعرج (القانون الإداري المغربي)، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، الرباط، الطبعة الرابعة في 2015

Listes des sources du livre en langue français:

-      Jaouad Kadiri (L'action administrative), années université 2015-2016.

-       ))la décision administrative( par le site web marche - public .fr

 

 

      

 

 

 

 

    

 

         

 

 التصميم

المقدمة:

المبحث الأول : ماهية القرار الإداري

   المطلب الأول : مفهوم القرار الإداري وأركانه

     الفقرة الأولى: مفهوم القرار الإداري

      أولا: تعريف القرار الإداري

      ثانيا: شروط القرار الإداري

     الفقرة الثانية: أركان القرار الإداري

      أولا: الاختصاص

      ثانيا: المحل

      ثالثا: السبب

      رابعا: الشكل

      خامسا: الغاية

   المطلب الثاني : القرار الإداري: الأنواع، النفاذ والنهاية

     الفقرة الأولى: أنواع القرارات الإدارية

      أولا: القرارات  الإدارية التنظيمية

      ثانيا: القرارات الإدارية الفردية

     الفقرة الثانية: نفاذ القرارات الإدارية

      أولا: سريان القرارات في حق الأفراد

      ثانيا: سريان القرارات على الماضي

      ثالثا: إرجاء آثار القرارات إلى المستقبل

     الفقرة الثالثة: نهاية القرار الإداري

      أولا: سحب القرار الإداري

      ثانيا: إلغاء القرار الإداري

المبحث الثاني: آليات الرقابة على القرار الإداري

   المطلب الأول: الرقابة القضائية

     الفقرة الأولى: الأنظمة القضائية الرقابية على القرار الإداري

      أولا: نظام القضاء الموحد

      ثانيا: نظام القضاء المزدوج

     الفقرة الثانية: وسائل القضاء في الرقابة على القرار الإداري

      أولا: دعوى الإلغاء

      ثانيا: دعوى التعويض

   المطلب الثاني: آليات رقابية أخرى على القرار الإداري

     الفقرة الأولى: الرقابة السياسية

      أولا: عن طريق البرلمان

      ثانيا: عن طريق الرأي العام

     الفقرة الثانية: الرقابة الإدارية

      أولا: الرقابة الذاتية

      ثانيا: رقابة الهيئات المستقلة

خاتمة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


تعليقات