إدارة الجهة
.jpg)
تقديم:
من أجل مواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي تعرفها المملك، تم إصدار القانون التنظيمي رقم111.14 بتاريخ 7 يوليوز 2015 المتعلق بالجهات والذي شكل قفزة نوعية في التنظيم الإداري اللامركزي، بحيث حضي بالكثير من الأهمية في صفوف الفاعلين المحليين، لما له من دور في تنزيل مبادئ دستور يوليوز 2011 والسير وفق التوجهات الملكية السامية من قبيل تمتين فاعلية الإدارة وتحسين علاقتها بالمواطن وكذا بناء سياسة عمومية مندمجة، إلى جانب مواكبة الإصلاح الجهوي باعتباره الإطار الملائم لبرمجة مشاريع مختلف القطاعات الحكومية الحكومية، ولتحقيق هاته الغاية، جاء القانون رقم 111.14 بمستجدات متعددة ترمي إلى تحديد اختصاصات الجهة ذات الطابع التنموي الاقتصادي والاجتماعي، وتحسين الوضعية الاعتبارية للمنتخب لتمكينه من أداء مهامه وكذا تعزيز دور مجلس الجهة وتزويد بإدارة منسجمة تساعده على القيام بجميع اختصاصاته وصلاحياته، سعيا لتحقيق مقولة شكسبير في أن "أضل الحكومات أفضلها إدارة".
وتعتبر الجهة جماعة ترابية خاضعة للقانون العام، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، منحها إياه دستور 2011 باعتبارها مؤسسة دستورية متميزة، تستمد تميزها من كونها الأداة الأنسب لترجمة وبلورة الخطة الإستراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية والجهوية. هاته ليست وليدة الصدفة بل هي فكرة مرت بمجموعة من المحطات التاريخية، بداية بظهير 1971 الذي خلق 7 جهات ذات طبيعة اقتصادية، لكن أهم تحول يتمثل أساسا في دستور 1992 الذي أشار في فصله 94 على أن الجهة أًبحت جماعة محلية، وهو ما يعني الارتقاء بها، غير أن ذلك لم يتبع بأي تنزيل أو تنفيذ، بعد ذلك جاءت مرجعة الدستور سنة 1996 التي أكملت التأكيد على كون الجهة جماعة محلية، الى حين صدور القانون رقم 47.96 بتاريخ 1997 الذي اعترف بالشخصية المعنوية للجهة وما يترتب عن ذلك من نتائج. تم جاء دستور 2011 الذي يعتبر الإطار القانوني العالي المنظم للجماعات الترابية بما فيها الجهة، حيث نظمها في الباب التاسع منه في فصوله من الفصل 135 إلى 146، إلى جانب القانون التنظيمي رقم 111.14، الذي أضاف لها قوة وتحفيزا جعلها أكثر نجاعة وفاعلية، ويشتمل هذا القانون على ثمانية عشر قسما وخصص القسم الرابع من "لإدارة الجهة وأجهزة تنفيذ المشاريع وآليات التعاون والشراكة"، الذي نحن بصدد دراسته مقتصرين فقط على الشق المتعلق بإدارة الجهة.
هاته الأخيرة التي تدفع إلى بزوغ إشكالية محورية مؤداها:
إلى أي حد تمكن المشرع المغربي من خلال القانون التنظيمي رقم 111.14 التنصيص على مقتضيات قادرة على خلق وإحداث إدارة جهة من شأنها تنزيل الأهداف المسطرة التي تخدم المغرب في تبنيه خيار الجهوية المتقدمة؟
ومن أجل معالجة هذه الإشكالية يمكن تبني التقسيم التالي:
المطلب الأول: تعيين وتأليف إدارة الجهة في ظل قانون 111.14
الفقرة الأولى: دور رئيس مجلس الجهة في تعيين أجهزة إدارة الجهة
الفقرة الثانية: مؤسسات إدارة الجهة
أولا: المديرية العامة للمصالح
ثانيا: مديرية شؤون الرئاسة والمجلس
المطلب الثاني: آليات فاعلية الموارد البشرية العاملة بإدارة الجهة ودورها في إنزال أهداف الجهوية المتقدمة
الفقرة الأولى: النظام الأساسي كمحفز للموارد البشرية العاملة بإدارة المتقدمة
الفقرة الثانية: تعبئة موارد بشرية ذات كفاءة عالية لخدمة تحقيق الجهوية المتقدم
المطلب الأول: تعيين وتأليف إدارة الجهة في ظل قانون 111.14
تفعيلا لمبدأ الحكامة الجيدة، جاء القانون التنظيم رقم 111.14[1] بمستجدات من ضمها تدعيم مؤسسة رئيس الجهة بإدارة قوية ومستقلة تقاسمه تدبير شؤون الجهة، وهو ما سنتناوله من خلال التطرق إلى دور رئيس مجلس الجهة في تعيين أجهزة إدارة الجهة (الفقرة الأولى) ثم مؤسسة إدارة الجهة( الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: دور رئيس مجلس الجهة في تعيين أجهزة إدارة الجهة
لقد خول القانون التنظيمي المتعلق بالجهات الصادر بتاريخ 7 يوليوز 2015، صلاحيات واسعة تخص مؤسسة رئيس مجلس الجهة. حيث يتم ذلك وفق قرار من رئيس المجلس بعد المداولات، لأن هذا القرار لا يكون قابلا للتنفيذ إلا بعد التأشير عليه من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل 20 يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس طبقا للبند 3 من المادة 115[2]. والملاحظ في إطار التنظيم الجهوي أنه أصبحت لرئيس المجلس صلاحيات عكس ما كان عليه الواقع في ظل القانون رقم 47.96، بحيث كان عامل العاملة أو الاقليم مركز الجهة هو الذي يقوم بالتنظيم الجهوي وكانت له صلاحيات مهمة تجعل منه الجهاز التنفيذي لها.[3]
وفي هذا الإطار تطرقت الفقرة الرابعة من المادة 123، إلى تأليف إدارة الجهة، حيث أجزمت على أن هذه الأخيرة ( إدارة الجهة، أصبحت تتألف وجوبا من مديرية عامة للمصالح ومديرية شؤون الرئاسة والمجلس)
الفقرة الثانية: مؤسسات إدارة الجهة
إن عملية التدبير والتسيير والإدارة لا يمكن أن تجتمع في يد شخص واحد، نظرا لصعوبة الأمر ورغما عن الكفاءة والإمكانيات القيادية، لذلك يستعين رئيس مجلس الجهة بأجهزة إدارة الجهة لضمان حسن تنفيذ مهامه وممارسة صلاحية. والتي تتكون من مديرية عامة للمصالح (أولا) ومديرية شؤون الرئاسة والمجلس (ثانية)
أولا: المديرية العامة للمصالح
تعتبر المديرية العامة للمصالح جهاز إداري مستجد بموجب القانون التنظيمي للجهات 111.14، لصالح مؤسسة رئيس الجهة في التدبير الجيد الشؤون الجهة في ممارسة صلاحياته. ويتولى هذه المهام تحت مسؤولية الرئيس ومراقبته باعتباره هو المسير للمصالح الإدارية للجهة، ويعتبر الرئيس التسلسلي للعاملين بها طبقا للفقرة الأولى من المادة 103، كما يعمل على تقديم تقارير لرئيس المجلس كلما طلب منه ذلك طبقا للمادة 125[4]
غير أن الهيكل التنظيمي لهذه المديرية يختلف من جهة لأخرى، فعلى سبيل المثال المديرية العامة للمصالح بجهة سوس-ماسة تنقسم إلى مديرية الشؤون المالية والمجالية التي تتكون من قسم الشؤون المالية الإدارية والبرمجة ثم قسم الشؤون المجالية، وكذا إلى مديرية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والتعاون، التي بدورها تتكون من قسم شؤون التنمية الاقتصادية وقسم الشؤون الاجتماعية ثم قسم التعاون والشراكة. بالإضافة إلى مصلحة والمعلوميات وكتب الضبط.
ثانيا: مديرية شؤون الرئاسة والمجلس
تساعد المديرية العامة للمصالح في شؤون الإدارة مديرية شؤون الرئاسة والمجلس، يرأسها مدير شؤون الرئاسة والمجلس. يتولى السهر على الجوانب الإدارية المرتبطة بالمنتخبين وسير أعمال المجلس ولجانه طبقا للمادة 126، منا يجوز لرئيس المجلس تعيين مكلفين بمهمة لا يتجاوز عددهم أربعة ويشتغلون تحت إشراف مديرهم طبقا للفقرة الثانية من المادة 103. هؤلاء المكلفون يشتغلون عادة في إطار مصالح، الشؤون الإدارية للأعضاء والمجلس، مصلحة المجتمع المدني والهيئات الاستشارية ثم مصلحة الشؤون القانونية والمنازعات.
وعليه فالمديرية العامة ومديرية الشؤون الرئاسة والمجلس يعتبران من أهم مستجدات القانون التنظيمي للجهات، عكس ما كان عليه الواقع في ظل قانون رقم 47.96، الذي بموجبه كان يستعان في إدارة الجهة بمكلفون بمهمة ومكلفون بالدراسات.
المطلب الثاني: آليات فاعلية الموارد البشرية العاملة بإدارة الجهة ودورها في إنزال أهداف الجهوية المتقدمة
بغيت تحقيق إدارة جهوية فعالة وفاعلة لابد من التوفر على موارد بشرية نشيطة، مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والاستحقاق، وفي هذا الاتجاه سنتطرق إلى التنظيم الأساسي كمحفز للموارد البشرية في إدارة الجهة (الفقرة الأولى) وأهميتهم في تنزيل أهداف الجهوية المتقدمة(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: النظام الأساسي كمحفز للموارد البشرية العاملة بإدارة المتقدمة
بعد النظام الأساسي خارطة طريق لموظفي إدارة الجهة، فهو الذي يرسم حدود حقوقهم وواجباتهم والقواعد الخاصة بوضعيتهم النظامية ونظام أجورهم، وذلك من أجل تحفيزهم وتوفير السبل المواتية للأداء الجيد داخل الإدارة، وتفادي العشوائية في العمل. وفي هذا الإطار تنص المادة 27[5] في فقرتها الأولى على أنه " تخضع الموارد البشرية العاملة بإدارة الجهة ومجموعاتها ومجموعات الجماعات الترابية لأحكام نظام أساسي خاص بموظفي إدارة الجماعات الترابية يحدد بقانون. ويحدد النظام الأساسي المذكور مع مراعاة خصوصيات الوظائف بالجماعات الترابية، على وجه الخصوص، حقوق وواجبات الموظفين بإدارة الجهة ومجموعاتها ومجموعات الجماعات الترابية والقواعد المطبقة على وضعيتهم النظامية ونظام أجورهم على غرار ما هو معمول به في النظام الأساسي للوظيفة العمومية.
الفقرة الثانية: تعبئة موارد بشرية ذات كفاءة عالية لخدمة تحقيق الجهوية المتقدم
إن تحقيق الجهوي المتقدمة وإنزال الأهداف المسطرة للجهة، رهين بتزويدها بأجهزة للحكامة، خاصة المديرية العامة للمصالح ومديرية شؤون الرئاسة والمجلس والوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع لما له من أثر على مستقبل الإدارة الجهوية. ومن هنا جاءت الضرورة الملحة لتبني الصرامة المطلقة في اختيار النساء والرجال الذين سيشكلون النواة الصلبة لإدارة مهنية ومحترفة، تستوفي شروط الحداثة والنجاعة وتتيح إمكانية ولوج المواطن إلى مرافقها. وباختصار إدارة في مستوى التحديات التي تطرحها الجهوية المتقدمة، عن طريق استقطاب الكفاءات المطلوبة وضمان التأطير المناسب الكفيل بنجاح عملية تنزيل الجهوية بكل أوراشها، وكذالك إصلاح النظام الأساسي للوظيفة العمومية من أجل ملاءمته مع متطلبات الإصلاحات الإستراتيجية التي انخرط فيها المغرب، وإخضاعه لمنطق الاستحقاق والتدبير العمومي الحديث القائم على مبادئ المسؤولية والتحفيز والمحاسبة.[6]
خاتمة:
إن المشرع من خلال القانون التنظيم 111.14 عمل على ترسيخ إدارة جهوية نشيطة من أجل مساعدتها وتمكينها من الأداء الجيد والفعال الذي يخدم المصالح المحلية يحقق الصالح العام، بالإضافة الى تزويدها بموارد بشرية تم الحرص على تأطيرها تأطير يخدم الطرفين( الإدارة، العصر البشري)، كل ذلك من أجل تدعيم اللامركزية الإدارية وتنزيل مقتضياتها على أرض الواقع وتفعيل الجهوية المتقدمة.
الفهرس
تقديم:
المطلب الأول: تعيين وتأليف إدارة الجهة في ظل قانون 111.14.
الفقرة الأولى: دور رئيس مجلس الجهة في تعيين أجهزة إدارة الجهة.
الفقرة الثانية: مؤسسات إدارة الجهة.
أولا: المديرية العامة للمصالح.
ثانيا: مديرية شؤون الرئاسة والمجلس..
المطلب الثاني: آليات فاعلية الموارد البشرية العاملة بإدارة الجهة ودورها في إنزال أهداف الجهوية المتقدمة
الفقرة الأولى: النظام الأساسي كمحفز للموارد البشرية العاملة بإدارة المتقدمة.
الفقرة الثانية: تعبئة موارد بشرية ذات كفاءة عالية لخدمة تحقيق الجهوية المتقدم.
خاتمة:
الفهرس..
[1] - القانون التنظيمي المتعلق بالجهات الصادر بتنفيذ ظهير شريف رقم 1.15.83 الصادر قي 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015)
[2] - المادة 115 من القانون المذكور
[3] المادة 123 من القانون المذكور
[4] - المادة 125 من القانون التنظيمي الخاص بالجهات
[5] - المادة 127 من القانون التنظيمي الخاص بالجهات
[6] -تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
تعليقات
إرسال تعليق