القائمة الرئيسية

الصفحات

الرقابة القضائية على المالية العامة في فرنسا

 


الرقابة القضائية على المالية العامة في فرنسا



الرقابة القضائية على المالية العامة في فرنسا


 

مقدمة

يتخذ نظام الرقابة المالية في فرنسا الشكل القضائي فتأسست مند عام 1807 محكمة الحسابات الفرنسية بهدف الرقابة على صحة ودقة ما يقوم به المحاسبون العموميون من أعمال، وهي تعتبر بمثابة جهاز قضائي، فالعاملون الذين يقومون بتحصيل الإيرادات العامة للدولة والذين يأمرون بالصرف يقدمون حساباتهم إلى المحكمة، فتقوم بفحصها ومراجعتها تم تصدر حكمها إما بإبراء الذمة لصحة وسلامة الحسابات المقدمة، أو  بالإدانة، فيصدر حكمها بذلك ولأحكامها القوة التنفيذية كالتي تتصف بها الأحكام القضائية، فلأحكامها وقراراتها لها نفس الاحترام الذي يضفى على الأحكام القضائية.مما جعل هذه المحكمة التي تتولى سلطة الرقابة المالية العليا في فرنسا سلطة رابعة مضافة إلى السلطات التقليدية الأخرى.   

فكيف تساهم محكمة الحسابات الفرنسية في تفعيل الرقابة على المال العام؟

وللإجابة عن هذه الإشكالية ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى الشكل الآتي:

المطلب الأول: تأليف محكمة الحسابات الفرنسية

المطلب الثاني: اختصاصات محكمة الحسابات الفرنسية

 

 

 

 

المطلب الأول: تأليف محكمة الحسابات الفرنسية

تتألف محكمة الحسابات الفرنسية من  قضاة يتم تعينهم بمرسوم جمهوري وهم غير قابلون للعزل، وتتشكل من الرئيس وسبعة رؤساء لدوائرها والتي يختص كل منها بعمل رقابي معين، ويتبعهم مستشارون ومراجعون[1]، أما المحكمة فهي مقسمة على الشكل التالي:

أولا: غرفة المشورة: يترأسها رئيس المحكمة الأول، و بها رؤساء الغرف الستة ويحضر الاجتماعات كل المستشارين والمدعي العام والكاتب العام للمحكمة بصفة استشارية، وتقوم الغرف بعقد اجتماعاتها بناءا على طلب المدعي العام لتأديب المخالفين للوائح والقانون أو لمناقشة القضايا المحالة من قبل رئيس المحكمة، كما يناط إليها صياغة التقرير الخاص بالرقابة السنوية.

ثانيا: الغرف المجتمعة: تضم هذه الغرف الرؤساء وعدد من المستشارين، ويقرر عقد اجتماعاتها رئيس المحكمة، وتقوم بالنظر في القضايا المحالة، وهنا المدعي العام يبدي رأيه في القضايا الإجرائية أو القضائية والنظر في الطعون ضد الأحكام الصادرة عن الغرف.

ثالثا: الغرف: تتكون من سبع غرف، كل غرفة تقوم بالنظر في حسابات الوزارات والإدارة العامة، ثم توزع الأعمال للنظر في تدقيقها ومراجعتها وإصدار القرارات القضائية.

رابعا: المدعي العام: يتم اختياره من قبل الحكومة بمرسوم جمهوري بناءا على اقتراح من رئاسة مجلس الوزراء، وتضم المحكمة تشكيلات استشارية (لجنة التقرير العام و البرامج) ولجان معاونة متخصصة تساعد رئيس المحكمة في تقديم الاستشارة و الآراء الضرورية ويحق للمحكمة الاستعانة بخبراء ماليين إن دعت الحاجة[2].

 

 

المطلب الثاني: اختصاص محكمة الحاسبات الفرنسية

تمار س محكمة الحسابات الفرنسية اختصاصات ذات طبيعة قضائية (أولا) وأخرى إدارية(ثانيا)

أولا: الاختصاصات القضائية

تتمثل الأحكام التي تصدرها محكمة المحاسبات الفرنسية أهم السلطات واختصاصات المحكمة القضائية، حيث تحكم المحكمة على المحاسبات ولي على المحاسبون العموميون، وتتحقق محكمة المحاسبات في مدى سلامة العمليات المالية التي هي داخل الحسابات ذاتها بغض النظر عن سلوك المحاسب العمومي، فالمحكمة لا تنظر إلى الظروف والملابسات التي أحاطت بالمحاسب أثناء ارتكاب المخالفة بل هدفها الأساسي رد الأموال المفقودة إلى خزانة الدولة. فإذا قام المخالف بسدادها قضت المحكمة ببراءة ذمته دون توقيع أي جزاء أو عقاب، فمعاقبة المحاسبين العموميون المخالفين من اختصاص المحكمة الـتأديبية لمخالفة الميزانية والمخالفات المالية[3].

 ونجد على أن هذا الوضع يخالف النظام المعمول به في مصر حيث أن الجهاز المركزي للمحاسبات بموجب القانون رقم 144 لسنة 1988 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1998 له سلطة توقيع الجزاء على المخالفات وتشديد العقوبة عليه وإحالته للمحكمة التأديبية والتعقيب على حكم بالطعن في حالة عدم ملائمة الحكم للواقعة، وللجهاز أيضا سلطة تحميل المخالف بالمبالغ التي تسبب في ضياعها على خزانة الدولة.

كما تقوم المحكمة بالحكم على حسابات محاسبي وزارة المالية، حيث يقوم المحاسبون العموميون كل ثلاث أشهر  برفع حساباتهم إلى وزير المالية الذي يرفعها بدوره إلى المحكمة لمراجعة هذه الحسابات وفحص مدى اتفاقها مع الاعتماد الصادر  من البرلمان وتقدم تقارير مشفوعة بملاحظاتهم مع الحساب إلى الدائرة المختصة بالمحكمة وتحكم كل دائرة وفقا لاختصاصاتها إما ببراءة المحاسب أو الإدانة وتحمله سداد الأموال[4].

 

ثانيا: الاختصاصات الإدارية

طبقا للمادة السادسة من القانون رقم 483 لسنة 1967 المعدل بالقانون رقم 539 لسنة 1976 فإن رقابة المحكمة تمتد لتشمل الأشخاص والأعمال وحسابات الدولة والقائمين بالأمر بالصرف والتحصيل، كما تباشر المحكمة دورها الرقابي من حيث تحديد المسؤوليات والمهام، كما يمتد اختصاص المحكمة ليشمل كافة المرافق العمومية و المنشأة ذات الطابع الصناعي والتجاري وشركات الاقتصاد المختلط  والمؤسسات العامة والهيئات والأجهزة التي تملك الدولة أكثر من نصف رأسمالها أو أسهمها وكذا الهيئات والأجهزة ذات الطابع الاجتماعي[5].

وعند اكتشاف المحكمة أن هناك مخالفات مالية أو أخطاء وقع حدوثها من قبل هؤلاء المسؤولين تقوم بالإبلاغ الجهات التابعة لها وكذا سلطاتها العليا، حيث تبدي ملاحظاتها حول المخالفات والأخطاء في التصرفات المالية، بمقترحات حلول وعدم تكرار مثل هذه الأخطاء[6].

   وللمحكمة وفي سبيل النهوض باختصاصاتها :

1-     إعداد تقرير عن كل مشروع قانون يقدم للبرلمان؛

2-     تقديم تقرير سنوي لك ل من رئيس الجمهورية والبرلمان يتضمن ملاحظات؛

3-     تقديم تقرير لكافة الوزارات يتضمن الملاحظات و الرؤى ومقترحات التعديل التي تراها مناسبة؛

4-     للمحكمة حق تحريك الدعوى الجنائية عن طريق المدعي العام ولها أيضا تحريك الدعوى التأديبية[7] .

كما أنه وفقا لدستور 1946 و 1958 الفرنسي فمن واجب المحكمة مساعدة الحكومة والبرلمان في تنظيم الإنفاق الحكومي حيث نصت المادة 47-2 من الدستور الفرنسي والتي تخص محكمة الحسابات الفرنسة على أنها تساعد البرلمان في مراقبة عمل الحكومة. وتساعد البرلمان والحكومة في مراقبة تنفيذ القوانين المالية وقانون التمويل و إنفاذ الضمان الاجتماعي فضلا عن تقييم السياسات العامة وكذلك فإنها من خلال تقاريرها العامة تساهم في إعلان و إخبار المواطنين 

 

لائحة المراجع

 

-         شكري فهمي محمود، الرقابة المالية العليا، مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية وعدد من الدول الأجنبية،

-         إبراهيم بن يحي جدع، دور ديوان المراقبة العامة السعودي في مراقبة المال العام، أطروحة لنيل الدكتوراه، كلية الحقوق سلا، 2015-2016.

-          محمد مصطفى صبيح، الرقابة المالية والإدارية ودورها في الحد من الفساد، مطبعة المنهل، طبعة 2016، ص.352

-         الدستور الفرنسي لسنة 1958

-         القانون رقم 483-67 المتعلق بتنظيم محكمة الحسابات، الصادر في 22 يناير، سنة1967، الجريدة الرسمية للجمهورية الفرنسية بتاريخ 23 يناير من سنة 1967، الصفحة 6211.

-         المرسوم رقم 1059-68 الصدر في 26 نوفمبر من سنة 1968، المنشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الفرنسية، في 30 نوفمبر 1968، الصفحة 11243.

 




[1] شكري فهمي محمود، الرقابة المالية العليا، مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية وعدد من الدول الأجنبية، أورده  إبراهيم بن يحي جدع، دور ديوان المراقبة العامة السعودي في مراقبة المال العام، أطروحة لنيل الدكتوراه، كلية الحقوق سلا، 2015-2016، ص.188

[2] إبراهيم بن يحي جدع، دور ديوان المراقبة العامة السعودي في مراقبة المال العام، أطروحة لنيل الدكتوراه، كلية الحقوق سلا، 2015-2016، ص.188

[3] محمد مصطفى صبيح، الرقابة المالية والإدارية ودورها في الحد من الفساد، مطبعة المنهل، طبعة 2016، ص.352

[4] محمد مصطفى صبيح، المرجع السابق، ص.352

[5] المادة الأولى والسادسة مكرر والسابعة والثامنة من المرسوم 1059 لسنة 1968 لقانون 483 لسنة 1967.

[6] إبراهيم بن يحي جدع، المرجع السابق، ص.189

[7] المادتين 51و 52 من قانون إنشاء المحكمة رقم 483 لسنة 1967.


تعليقات